الشارع يعج بحركة المارة
لا يلتفت إليه أحد
كان ممسكا بيده قطعة قماش بالية
يمررها على زجاج السيارات
منتظرا بضعة قروش من أصحابها
مستخدما بعض كلمات الاستجداء
والعطف
لم يكن يهتم بمعاملتهم الجافة
واشمئزازهم من ملابسه الرثة
فهم بالنسبة له مجرد وسيلة يحصل
بها على قوت يومه
كان سليط اللسان مع من يرفض
إعطاؤه نقود
ولكن بقايا براءة الطفولة
مازالت بداخله
فمن حين لآخر كان يقف أمام إحدى
العربات الصغيرة التي تبيع حلوى غزل البنات
يتمنى لو يستطيع أن يحصل على
واحدة
ولكن كيف؟
فإن ما يحصل عليه لا يكفى سوى
القليل من الطعام
كان يتخلى عن الفكرة بمجرد أن
يفكر أنه ليس كبقية الأطفال
و يعود لعمله مرة أخرى
وعندما انتصف الليل كان يجلس
على أحد الأرصفة مع بعض الأطفال الذين يتخذون من الشارع مأوى مثله تماما
توقفت سيارة ترجلت منها سيدة
أنيقة ودخلت إحدى المتاجر
لم يبالى زملائه فالوقت متأخر
والجو بارد
ذهب هو إلى السيارة وبدأ في
مسحها بقطعة القماش وانتظر صاحبة السيارة لعلها تعطيه بعض القروش
تجمدت عيناه أمام عربة الحلوى
عادت السيدة وفتحت باب السيارة وهى
تسأله
-مسحتها كويس؟
لم يرد ومازالت عيناه متعلقة
بحلمه المؤجل
تركته السيدة وعادت مرة أخرى
لتضع يدها على كتفه النحيف
أفاق واستدار لها في ذعر
أعطته خمسة جنيهات ومجموعة قطع
من الحلوى
أخذ القطع وأخفاها داخل ملابسه
قبل أن يراه الأطفال الذين
شاهدوا النقود والتفوا حوله ولم يتركوه إلا بعد أن استولوا عليها
لم يتصارع معهم فما لبث أن
اختفى في أحد الشوارع الجانبية يستمتع بمذاق الحلوى الملونة